المدينة الغريبة " قصة واقعية

المدينة الغريبة كانت فيها قوانين غريبة .. كانوا يختارون رئيسا لهم ويخبرونه انه بعد خمس سنوات سيطرد الى خارج اسوار البلد .. وكانت كل اسباب العيش بداخلها اما خارج البلد فهناك الوحوش الضارية ولا يوجد قطرة ماء .. صحراء قاحلة .
مات الرئيس وارادو ان يختاروا رئيسا جديدا لهم .. لما كان الجميع يعرف قوانين الحكم فلم يتقدم أحد لعلمهم انهم بعد فترة الحكم سيلقى بالرئيس الى الخارج فتأكله السباع أو يموت جوعا وعطشاً .. وبعد مدة تقدم شاب وقال انا اريد ان انال هذا المنصب فقالوا له اتعلم ماذا سيحدث لك بعد ذلك قال نعم وانا مستعد .
فقامت الاحتفالات بهذه المناسبة ، ثم في أول يوم من أيام الحكم اتفق الرئيس مع عدد من المزارعين دون أن يعلم أحد انهم اذا حل الظلام فتحوا سور المدينه فيخرجون الى الخارج ويشقون الترع وقنوات المياه من داخل المدينة الى خارجها ويزرعون ما طاب من الاثمار والاشجار .. حتى انتهت مدة حكمه ، فجاؤا اليه وقالوا له ستكون آخر أيام حكمك غدا وسوف تطرد من البلد ، فتعجبوا عندما رأوه يبتسم ولم يبدوا عليه أي خوف أو جزع كما يحدث لمن قبله بل قابل الامر برحابة صدر .
وفي الوقت المحدد لطرده اصطف الجيش والناس يرون هذه المناسبة ، فتحوا ابواب المدينة واذا بالجنان والمياه حتى اصبح خاج البلد أجمل من داخلها .. ما الذي حدث ؟؟ فأخبرهم بما جرى فقالوا له مادمت على هذا القدر من الذكاء والحكمة فنختارك ان تكون رئيسا لنا الى الابد.
قد يتسائل من يقرأ هذه القصة بأن هذه ليست من الواقع ؟؟
بل هذا هو الواقع .. هذه هي قصتنا جميعا كبشر . . نحن في مملكة واحدة تسمى الارض ووجودنا في الحياة لمدة محددة تختلف من واحد لآخر ولكننا لابد ان نغادر هذه الارض يوما ما .. ولا رجعة اليها ابدا.. وقليل من الناس من استعد للسفر الطويل قبل السفر القصير مثل هذا الشاب الذي استعد ليوم الرحيل فغرس وزرع وشق الترع.
ونتذكر قول سلمه ابن دينار العالم الجليل عندما سأله الخليفة سليمان بن عبد الملك : لماذا نكره الموت؟؟
فقال يا أمير المؤمنين : لأنكم عمرتم الدنيا وخربتم الآخرة ، فتكرهون ان تنتقلوا من العمران الى الخراب.
نسأل الله ان نكون من المستعدين لما بعد الموت فنغرس قيعاننا التي أعدها الله لنا في الجنة وهذا الغرس بالأعمال الصالحة .. ومن قال سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم غرست له نخلة في الجنة ساقها من ذهب.
فأين المشمرين لزراعتها؟؟